تفاصيل الحديث
صحة الحديث
المحدث
الراوي
المصدر
الرقم
حسن لغيره
.png)
شعيب الأرناؤوط
سعد بن أبي وقاص
تخريج المسند
1517
عن عُمَرَ بنِ سَعدٍ قال: كانت لي حاجةٌ إلى أبي سَعدٍ، قال : وحدَّثَنا أبو حَيَّانَ، عن مُجَمِّعٍ، قال: كان لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ إلى أبيهِ حاجةٌ، فقَدَّمَ بَينَ يَدَيْ حاجَتِهِ كَلامًا ممَّا يُحدِّثُ النَّاسُ يوصِلونَ، لم يَكُنْ يَسمَعُهُ، فلمَّا فرَغَ قال: يا بُنَيَّ، قد فرَغتَ مِن كَلامِكَ؟ قال: نَعَمْ. قال: ما كُنتَ مِن حاجَتِكَ أبعَدَ، ولا كُنتُ فيكَ أزهَدَ مِنِّي مُنذُ سمِعتُ كَلامَكَ هذا، سمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: سيَكونُ قَومٌ يَأكُلونَ بألسِنَتِهم، كما تَأكُلُ البَقَرُ مِنَ الأرضِ.
"كان لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ إلى أبيه حاجةٌ" يُريدُ عُمَرُ مِن أبيه سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَقضيَ له حاجةً،
"فقَدَّمَ بَينَ يَدَيْ حاجَتِه كَلامًا" فتَكلَّمَ بكَلامٍ؛ لِيَفوزَ بحاجَتِه مِن أبيه، ولكِنَّه كان كَلامًا
"مِمَّا يُحدِّثُ الناسُ يُوَصِّلونَ" يوصلون به إلى حاجاتِهم
"لم يَكُنْ يَسمَعُه" لم يسمعة مِن قَبلُ، بل هو كَلامٌ مُبتَدَعٌ؛ لِأنَّ مِن آدابِ الإسلامِ أنْ يُقدِّمَ المَرءُ بَينَ يَدَيْ حاجَتِه كَلامًا طَيِّبًا فيه حَمدُ اللهِ والثَّناءُ عليه وعلى نَبيِّه
"فلَمَّا فَرَغَ" عُمَرُ بنُ سَعدٍ مِن كَلامِه،
"يا بُنَيَّ، قد فَرَغتَ مِن كَلامِكَ؟" يَعني هلِ انتَهَيتَ مِن مُقدِّمةِ كَلامِكَ؟
"قال: نَعَمْ .. قال: ما كُنتَ مِن حاجَتِكَ أبعَدَ، ولا كُنتُ فيكَ أزهَدَ مِنِّي مُنذُ سَمِعتُ كَلامَكَ هذا" وهذا ذَمٌّ له وتَقريعٌ على كَلامِه الذي قاله مُخالِفًا فيه الهَدْيَ والسُّنَّةَ،
"سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: سَيكونُ قَومٌ يأكلونَ بألسِنَتِهم" يَتوَسَّلونَ بألسِنَتِهم إلى تَحصيلِ ما يأكُلونَ
"كما تأكُلُ البَقَرُ مِنَ الأرضِ" كما تَتوسَّلُ البَقَرةُ بلِسانِها إلى الأكلِ بالاحتِشاشِ، وسُمَّيَ التَّوسُلُ إلى تَحصيلِ المأكولاتِ والمَشروباتِ أكلًا، ويُحتَمَلُ أنَّه جَعَلَ أكلَهم ما حَصَّلوه بكَلامِهمُ الذي هو مِن نَتائِجِ ألسِنَتِهم وحَصائِدِهم أكلًا باللِّسانِ، ثم مَثَّلَه بأكْلِ البَقَرةِ باللِّسانِ؛
ويوجد تفسيرين للتشبيه:
أحَدُهما: أنَّهم لا يَهتَدونَ مِنَ المأكَلِ إلَّا ببَذلِ مِثلِ هذا الكَلامِ، كما أنَّ البَقَرةَ لا تَتمكَّنُ مِنَ الاحتِشاشِ إلَّا بلِسانِها،
والآخَرُ: أنَّهم في مَغزاهم ذلك كالبَقَرةِ التي لا تَستطيعُ أنْ تُميِّزَ في رَعيِها بَينَ الرَّطبِ والشَّوكةِ، وبَينَ الحُلوِ والمُرِّ، بل تَلُفُّ الكُلَّ بلِسانِها لَفًّا، فكذلك هؤلاء الذين يَتَّخِذونَ ألسِنَتَهم ذَريعةً إلى مأكَلِهم، فلا يُميِّزونَ بَينَ الحَقِّ والباطِلِ، ولا بَينَ الحَلالِ والحَرامِ.
وفي الحَديثِ: الزَّجرُ عن كَثرةِ الكَلامِ دونَ تَحرُّزٍ، أوِ احتياطٍ، وعنِ التَّكلُّفِ المَذمومِ والتَّشدُّقِ والتَّفاصُحِ.