119
العام الهجري
العام الميلادي
لم تظهر

حديث صحيح
.png)
علامة كبرى

شرح العلامة
اسمه:
وسمي الدجال مسيحاً: كلمة مسيح أي الذي أحد شقي وجهه ممسوح لا عين له ولا حاجب.
أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوماً.
وأصل الدجل: معناه الخلط والاحتيال. يحتال على الناس ويرهبهم بالألاعيب والجدل وسحره و يفتنهم في دينهم
صفاته:
كما في بعض الاحاديث ومظمها ضعيف
- هو رجلٌ من بني آدم، يهودي، عقيم لا يولد له ولد
- أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية
- العين الاخرى خضراء
- عظيم الرأس عريض النحر
- أفحج، والفحج "تباعد ما بين الساقين
- سريع الحركة (كالغيث استدبرته الريح)
- مكتوب بين عينيه كافر
خروجه:
- ويكون خروجه من المشرق من بلاد فارسية يقال لها خراسان. عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الدجال يخرج من أرض بالشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة))
- ولكن ظهور أمره عندما يصل إلى مكان بين العراق والشام، عن النواس مرفوعا: ((إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا))
فترته:
- وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن المدة التي يمكثها في الأرض فقالوا: وما لبثه في الأرض؟ قال: ((أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا يا رسول الله فذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قالوا: لا اقدروا له قدره))
- وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن اليوم يطول حقيقةً لا مجازاً.
صور مرتبطة
الأحاديث التي ذكرت العلامة
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
2901
كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ.
قالَ شُعْبَةُ: وَحدَّثَني عبدُ العَزِيزِ بنُ رُفَيْعٍ، عن أَبِي الطُّفَيْلِ، عن أَبِي سَرِيحَةَ، مِثْلَ ذلكَ، لا يَذْكُرُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ أَحَدُهُما في العَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ في البَحْرِ.
يَقُول حُذَيْفَةُ بنُ أَسِيدٍ رضِي اللهُ عنه: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في غُرفةٍ- أي: مكانٍ عالٍ- ونحن أسفلَ مِنه، فاطَّلَع إلينا فقال: ما تَذكُرون؟ أي: بعضُكم مع بعضٍ؟ قلنا: السَّاعَةَ، أي: أَمْرَ القِيامةِ واحتمالَ قيامِها في كلِّ ساعةٍ، قال: إنَّ الساعةَ لا تكون- أي: لا تقوم- حتَّى تكونَ عشرُ آياتٍ، أي: حتَّى تقَعَ أو توجدَ عَشرُ علاماتٍ:
خَسْفٌ بالمَشرِقِ، وخسفٌ بالمَغْرِبِ، وخسفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولعلَّ هذه الخُسوفَ الثلاثةَ لم تَقَعْ إلى الآنَ والله أعلم.
والدُّخَانُ، وهو الذي ذُكِر في قولِه تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدُّخَان: 10]، وهو دُخَانٌ يَأخُذ بأَنْفاسِ الكُفَّارِ، ويَأخُذ المؤمِنين منه كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ.
والدَّجَّالُ: مَأْخُوذ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب، والدَّجَّالُ شخصٌ بِعَيْنِه ابتَلَى الله به عبادَه، وأَقْدَرَه على أَشْياءَ مِن مَقدُوراتِ الله تعالى: مِن إحياءِ الميتِ الذي يَقتُله، وظُهورِ زَهْرَةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْه، واتِّباعِ كُنُوزِ الأرضِ له، وأَمْرِه السماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبِتَ، فيَقَع كلُّ ذلك بقُدْرَةِ الله تعالى ومَشِيئَتِه، ثُمَّ يُعجِزُه الله تعالى بعد ذلك، فلا يَقدِرُ على قتلِ ذلك الرجلِ ولا غيرِه، ويَبطُل أمرُه، ويَقتُله عِيسَى صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُثبِّتُ اللهُ الذين آمَنُوا.
ودَابَّةُ الأرضِ، وهي المذكورةُ في قولِه تعالى: {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النَّمْل: 82]، وهذه الدَّابَّةُ تَخرُج في آخِرِ الزَّمَانِ عندَ فَسَادِ الناسِ وتَرْكِهم أوامرَ الله وتَبْدِيلِهِمُ الدِّينَ الحقَّ، فيُخرِج اللهُ لهم دابَّةً مِن الأرض، قِيل: مِن مَكَّةَ، وقِيلَ: مِن غيرِها.
ويَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ، أي: يُفْتَحُ السَّدُّ الذي أَنْشَأَه ذو القَرْنَيْنِ، وهما قَبِيلَتان مِن جِنْس الناس.
وطُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغْرِبِها.
ونَارٌ تَخرُج مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ، أي: أَقْصَى قَعْرِ أرضِ عَدَنٍ، وعَدَنٌ: مدينةٌ سَاحِليَّةٌ مَعرُوفةٌ في جنوبِ اليَمَن، «تَرْحَلُ الناسَ»، أي: تَأخُذهم بالحَشْر والرَّحِيل.
قال شُعْبَةُ: وحدَّثنِي عبدُ العَزِيزِ بنُ رُفَيْعٍ عن أبي الطُّفَيْلِ عن أبي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذلك، لا يَذكُر النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال أحدُهما في العاشرةِ: نُزُولُ عِيسَى بنِ مَرْيَمَ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ، حَكَمًا عَدْلًا.
وقال الآخَرُ: ورِيحٌ تُلْقِي الناسَ في البَحْر، أي: رِيحٌ شديدةُ الجَرْيِ، سَرِيعَةُ التأثيرِ في إلقائِها إيَّاهم في البَحْر، وهو مَوضِع حَشْرِ الكُفَّارِ، أو مُسْتَقَرُّ الفُجَّارِ.
في الحديثِ: بيانُ بعضِ علاماتِ الساعةِ.
وفيه: إخبارُه صلَّى الله عليه وسلَّم عَنِ المُغَيَّباتِ
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
2920
سَمِعْتُمْ بمَدِينَةٍ جانِبٌ مِنْها في البَرِّ وجانِبٌ مِنْها في البَحْرِ؟ قالوا: نَعَمْ، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَغْزُوَها سَبْعُونَ ألْفًا مِن بَنِي إسْحاقَ، فإذا جاؤُوها نَزَلُوا، فَلَمْ يُقاتِلُوا بسِلاحٍ ولَمْ يَرْمُوا بسَهْمٍ، قالوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أحَدُ جانِبَيْها - قالَ ثَوْرٌ: لا أعْلَمُهُ إلَّا قالَ، الذي في البَحْرِ، ثُمَّ يقولوا الثَّانِيَةَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جانِبُها الآخَرُ، ثُمَّ يقولوا الثَّالِثَةَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ، فيُفَرَّجُ لهمْ، فَيَدْخُلُوها فَيَغْنَمُوا، فَبيْنَما هُمْ يَقْتَسِمُونَ المَغانِمَ، إذْ جاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فقالَ: إنَّ الدَّجَّالَ قدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شيءٍ ويَرْجِعُونَ.
في هذا الحَديثِ يَسألُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّحابةَ عنْ مَدينةٍ جانبٌ مِنها في البرِّ وجانبٌ مِنها في البحرِ؟ والمَقصودُ بِهَذه المَدينةِ؛ قيل: هي روما، وقيل: هيَ القُسطنطِينيَّةُ، فقالَ الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهُم: نَعم، يا رَسولَ اللهِ، فقالَ لَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى يَغزوَها سبعونَ ألفًا مِن بَني إِسحاقَ)، مَن أَسلمَ مِن أهلِ الكِتابِ وهمْ مِن سُلالةِ نَبيِّ اللهِ إِسحاقَ عليهِ السَّلامُ. فإذا جَاؤوها، أيِ: المدينةَ، نَزلوا حَوالَيْها مُحاصرينَ أَهلَها فلم يُقاتِلوا بسِلاحٍ، وَلم يَرْموا بسَهمٍ، قَالوا: لا إلَهَ إلَّا اللهُ واللهُ أَكبرُ، وَفيهِ إِشارةٌ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى كلِّ مُجاهدٍ في سَبيلِ اللهِ ألَّا يَستبْعِدَ أن يَفتحَ اللهُ الحُصونَ، ويَهدِمَ المَعاقلَ، بِقولِ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكبرُ، فيَسقطُ أَحدُ جانِبَيْها، أي: أَحدُ طَرفَي سُورِ المدينةِ، فقالَ ثورٌ- أحدُ رُواةِ الحَديثِ-: لا أَعلمُه، أي: لا أَظُنُّ أَبا هُريرةَ إلَّا قال: (الَّذي في البَحرِ): أحدُ جانِبَيْها الَّذي في البَحرِ، والمَعنى: لكنِّي لا أَجزمُه، ثُمَّ يَقولوا: أيِ: المُسلِمونَ، ( الثَّانيةَ)، أيِ: الكَرَّةَ الثَّانيةَ: (لا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، فسَقَطَ جانِبُها الآخرُ)، أيِ: الَّذي في البَرِّ، ويَقولونَ الثَّالثةَ: لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكبرُ، فيُفرَجُ"، أي: فيُفتحُ لَهم فيَدخلونَها فيَغنَمون، أي: يَغنَمون ما فِيها، فبَينَما هُم يَقتَسِمونَ المَغانِمَ، أي: يُريدونَ الِاقتِسامَ ويَشرَعونَ فيهِ جاءَهمُ الصَّريخُ، فَقال: إنَّ الدَّجَّالَ قدْ خَرجَ، فيَتركونَ كلَّ شيءٍ منَ المَغانِم وغَيرِها منَ الأَنفالِ ويَرجِعونَ، أي: سريعًا لمُقابلةِ الدَّجَّالِ، ومُساعدةِ الأَهلِ والعِيالِ.
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
2937
ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ، إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما لَبْثُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، فَذلكَ اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فيه صَلَاةُ يَومٍ؟ قالَ: لَا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، وَما إِسْرَاعُهُ في الأرْضِ؟ قالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ علَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حتَّى يُدْرِكَهُ ببَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ منه، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ.
وفي رواية اخرى : وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ، وَهو جَبَلُ بَيْتِ المَقْدِسِ، فيَقولونَ: لقَدْ قَتَلْنَا مَن في الأرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَن في السَّمَاءِ، فَيَرْمُونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عليهم نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا
وفي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: فإنِّي قدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي، لا يَدَيْ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ.
«ذَكَر الدَّجَّالَ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب، والدَّجَّالُ: شخصٌ بِعَيْنِه ابتَلَى الله به عبادَه،
«ذاتَ غَدَاةٍ»، أي: في غَدَاةٍ، والغَدَاةُ: ما بينَ الفَجْرِ وطُلوعِ الشَّمْسِ،
«فخَفَّضَ فيه ورَفَّعَ»، أي: مِن كثرةِ ما تَكلَّم فى أمْره خَفَّض صَوْتَه مرَّةً؛ لطولِ الكلامِ وراحةِ تعبِه، ورفَع صوتَه مرَّةً لتبليغِ مَنْ يأبَى عنه وإسماع مَن بَعُد، أو يكون المعنى: بَيَّنَ مِن شأنِه ما هو حَقِيرٌ وما هو رَفِيعٌ جَلِيل كَبِير،
«حتَّى ظَنَنَّاه في طائِفَة النَّخْلِ، فلمَّا رُحْنا إليه عَرَف ذلك فينا»، فسألهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما شأنُكم؟» فأجابوه: «يا رسولَ الله، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فخَفَّضْتَ فيه ورَفَّعْتَ؛ حتَّى ظَنَنَّاهُ في طائفةِ النَّخْل»، أي: ناحِيَتِه وجانِبِه،
فقال: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عليكم»، أي: إنِّي أخافُ على أُمَّتِي غيرَ الدَّجَّالِ أكثرَ مِن خَوْفِي إيَّاه،
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنْ يَخرُج وأنا فِيكُم، فأنا حَجِيجُه دُونَكم»، أي: خَصْمُه الذي يُحَاجُّه ويُقِيمُ عليه الحُجَّةَ،
«وإن يَخْرُجْ ولستُ فِيكُم، فامْرُؤٌ حَجِيجُ نفسِه»، أي: فكلُّ امْرِئٍ يُحَاجُّه ويُحَاوِرُه ويُغَالِبُه لِنَفْسِه،
«واللهُ خَلِيفَتِي على كلِّ مُسلِم»، أي: اللهُ وَلِيُّ كلِّ مُسلِم وحَافِظُه، فيُعِينُه عليه ويَدْفَعُ شَرَّهُ،
«إنَّه شابٌّ قَطَطٌ»، أي: شديدُ القِصَر، وقيل: شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ،
«عَيْنُه طافِئَةٌ»، أي: مُرتَفِعَة،
«كأنِّي أُشَبِّهُه بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ» وهو رَجُلٌ مِن خُزَاعَةَ مات في الجَاهِلِيَّةِ،
«فمَن أَدْرَكَه منكم فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورةِ الكَهْفِ»، أي أول سورة الكهف
«إنَّه خَارِجٌ خَلَّةً بينَ الشَّامِ والعِرَاقِ»، أي: خارجٌ في خَلَّةٍ وهي الطَرِيق بينَ هاتين الجِهتينِ، والخَلَّةُ: مَوْضِع صُخُور،
«فعَاثَ يَمِينًا وعَاثَ شِمَالًا» وهو الإسراعُ والشِّدَّة في الفَسَاد،
«يا عِبَادَ الله، فاثْبُتُوا»، لاتهتزوا في ايمانكم
فسَأَل الصحابةُ: «وما لُبْثُه في الأرضِ؟» فأجابهم صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَرْبَعُونَ يومًا، يومٌ كَسَنَةٍ، ويومٌ كَشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمُعَةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكُم»،
فسألوا: «يا رسولَ الله، فذلك اليومُ الذي كَسَنَةٍ، أتَكْفِينا فيه صلاةُ يومٍ؟ قال: لا، اقْدُرُوا له قَدْرَه» وذلك بأنْ يُصَلُّوا في قَدْرِ كلِّ يومٍ وليلةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ؛ فتَجْتَمِعُ في ذلك اليومِ الواحِدِ صلاةُ سَنَةٍ كاملةٍ، ومعناه: أنَّ امتدادَ ذلك اليومِ بهذا القَدْرِ مِن الطُّولِ يكونُ حَقِيقِيًّا، لا أنَّ الناسَ يَظُنُّونَه كذلك لِأَجْلِ ما هُم فيه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ لِأَجْلِ المُصِيبَةِ والفَسَادِ.
فسألوا: «يا رسولَ الله، وما إسراعُه في الأرضِ؟ قال: كالغَيْثِ» والمرادُ به: الغَيْمُ، أي: يُسرِعُ في الأرضِ إسراعَ الغَيْمِ
«اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ»، أي: جاءَتْه الرِّيحُ مِن خَلْفِه،
«فيَأْتِي على القومِ فيَدْعُوهُم، فيُؤمِنون به ويَستجِيبُون له، فيَأْمُرُ السماءَ فَتُمْطِرُ، والأرضَ فتُنبِتُ»، وذلك بقدرة الله
«فتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهم أَطْوَلَ ما كانت ذُرًا»، أي: تَرْجِعُ مَسَاءً مَوَاشِيهم أَسْنِمَ مما كانت
«وأَسْبَغَه ضُرُوعًا»، اسبغة أي: أكمَلَه .. و ضُرُوعًا والضَّرْعُ مِن الحيوان بِمَنْزِلَةِ الثَّدْيِ مِنَ المرأةِ، والمقصود الثدي ممتلئ بالحليب
«وأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ»»، أي: أَطْوَلَه أو أَوْسَعَه .. والخواصر أطرافُ البَطْن،
«ثُمَّ يَأْتِي القومَ فيَدْعُوهم، فيَرُدُّونَ عليه قولَه، فيَنصَرِف عنهم، فيُصبِحون مُمْحِلِينَ»، أي: مُصابِين بالقَحْطِ والجَدْبِ
«ليس بأيديهم شيءٌ مِن أموالِهم»، أي يفتقرون
«ويَمُرُّ بِالخَرِبَةِ» وهي الأرضُ غيرُ المَعْمُورَةِ،
«فيقول لها: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فتَتْبَعُه كُنُوزُها كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» واليَعَاسِيبُ: جمعُ يَعْسُوبٍ، وهو ذَكَرُ النَّحْلِ وأَمِيرُها، والنَّحْلُ تَطِيرُ جُنُودًا مُجنَّدةً وراءَ أَمِيرِها وتَذهب حيثُ ذَهَب، فكأنَّه قال: كما تَتْبَعُ النحلُ يَعَاسِيبَها،
«ثُمَّ يَدْعُو رجلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فيَضْرِبُه بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُه جَزْلَتَيْنِ»، أي: قِطْعَتَيْنِ
«رَمْيَةَ الغَرَضِ»، أي: يَجْعَل بينَ الجَزْلَتَيْنِ مِقدارَ ما بينَ مَكَانِ رَمْيَةِ السَّهْمِ وبينَ الهَدَفِ،
«ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقبِل ويَتَهَلَّلُ وجهُه، يَضْحَكُ»، أي يعود للحياه
«فبَيْنما هو كذلك إذ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ بنَ مَرْيَمَ، فيَنْزِلُ عندَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ»، أي: لَابِسًا مَهْرُودَتَيْنِ، يعني: ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ،
«واضِعًا كَفَّيْهِ على أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأْطَأَ رأسَه قَطَرَ،»، أي: نَزَلَ قَطْرَةً بعدَ قَطْرَةً
«وإذا رَفَعَه تَحَدَّرَ منه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤِ»، والجُمَانُ: حَبَّاتٌ مصنوعةٌ مِن الفِضَّةِ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ الكِبَارِ، والمُرادُ: يَتحدَّر منه الماءُ أو العَرَقُ على هيئةِ اللُّؤْلُؤِ في الصَّفَاءِ والحُسْنِ،
«فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إلَّا مات، ونَفَسُه يَنتهِي حيثُ يَنتهِي طَرْفُه»، أي: لا يُمْكِنُ ولا يَقَعُ
«فيَطْلُبُه»، أي: فيَطْلُبُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ
«حتَّى يُدْرِكَه ببابِ لُدٍّ» اسمِ قَرْيَةٍ في فِلَسْطِينَ
«فيَقْتُلُه، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى بنَ مَرْيَمَ قومٌ قد عَصَمَهم الله منه، فيَمْسَحُ عن وُجوهِهم»، أي: يَرْحَمُهم ويُواسِيهم ويَتَلطَّف بهم
«ويحدِّثهم بدَرَجاتِهم في الجَنَّةِ، فبَيْنما هو كذلك إذ أَوْحَى الله إلى عِيسَى: إنِّي قد أَخْرَجْتُ عِبَادًا لي لا يَدَانِ لأحدٍ بقتالِهم»، أي: لا قُدرةَ ولا طاقةَ لاحد بقتلهم
«فحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ»، أي: ضُمَّهُم واجْمَعْهُم واجْعَلْه حِرْزًا لهم، والطُّورُ: جَبَلٌ معروفٌ في سَيْنَاءَ،
«ويَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وهم مِن كُلِّ حَدَبٍ»، أي: مِن كلِّ أَكَمَةٍ وموضعٍ مُرتَفِعٍ
«يَنسِلُون»، أي: يَمْشُونَ مُسرِعينَ،
«فيَمُرُّ أوائلُهم على بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فيَشْرَبُونَ ما فيها،» بحيرة طبرية هي بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في فلسطين التاريخية (إسرائيل حاليًا) وهضبة الجولان في سوريا، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن.
«ويَمُرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ،» اي لا يجدوا بها ماء
«ويُحْصَرُ نَبِيُّ الله عِيسَى وأصحابُه،» أي يحبس
«حتَّى يكونَ رأسُ الثَّوْرِ لأحدِهم خيرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأحدِكم اليومَ»، أي: تَبْلُغُ بهم الفَاقَةُ إلى هذا الحَدِّ، وإنَّما ذَكَر رأسَ الثَّوْرِ لِيُقَاسَ البقيَّةُ عليه في القِيمة،
«فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه»، أي: إلى الله، فيَتضرَّعون له ويَدعُونه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ،
«فيُرْسِل اللهُ عليهم النَّغَفَ» وهو دُودٌ يكونُ في أُنُوفِ الإِبِلِ والغَنَمِ
«في رِقَابِهم، فيُصبِحون فَرْسَى» أي قَتْلَى «كمَوْتِ نَفْسٍ واحدةٍ»، أي: يَمُوتون كلُّهم كموتِ نفسٍ واحدةٍ،
«ثُمَّ يَهبِط نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الأرضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إلا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ ونَتْنُهُمْ»، أي: دَسَمُهُم ورائحتُهم الكريهة المُنْتِنَة،
«فيَرْغَبُ نبيُّ الله عِيسَى وأصحابُه إلى الله»، أي: فيَتَضرَّعون له ويَدْعُونَه أن يَرفعَ عنهم هذا البلاءَ،
«فيُرْسِلُ الله طيرًا كأَعْنَاقِ البُخْتِ»، أي: كأعناقِ الإِبِلِ البُخْتِ، وهي الإِبِلُ التي تُنْتَجُ مِن عَرَبِيَّةٍ وغيرِ عَرَبِيَّةٍ، وتكونُ طِوَالَ الأعناقِ،
«فتَحْمِلُهم فَتَطْرَحُهم حيثُ شاء الله»، ترميهم في مكان غير معروف
«ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ منه»، أي: لا يَسْتُرُ، يعني: لا يَمْنَعُ مِن نُزولِ الماءِ «بيتُ مَدَرٍ» وهو الطِّينُ الصُّلْبُ «ولا وَبَرٍ» والوَبَرُ لِلْإِبِلِ بمنزلةِ الشَّعْرِ لِلْمَعْزِ وبمنزلةِ الصُّوفِ للضَّأْنِ،
«فيَغْسِلُ الأرضَ حتَّى يَتْرُكَها كالزَّلَفَةِ» وهي المِرْآةُ، والمرادُ: أنَّ الماءَ يَعُمُّ جميعَ الأرضِ بحيث يَرى الرائي وجهَه فيه،
«ثُمَّ يُقَالُ للأرضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، ورُدِّي بَرَكَتَكِ،» اخرجي بركاتك
«فيَومئذٍ تَأكُل العِصَابَةُ»، أي: الجماعةُ «مِنَ الرُّمَّانَةِ، ويَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِها»، أي: بقِشْرِها،
«ويُبَارَكُ في الرِّسْلِ»، أي: اللَّبَنِ
«حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ .. لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ الناس»، أي: النَّاقَةَ ذاتَ اللَّبَنِ تكفي الجماعةَ الكبيرةَ
«واللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ .. لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِن الناسِ» أي: البقر ذاتَ اللَّبَنِ يكفي قبيلة .. والقبيلة اصغر من الفئام
«واللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ .. لَتَكْفِي الفَخِذَ مِن الناسِ» أي: الغنم ذاتَ اللَّبَنِ يكفي الأقارِبُ الذين يَنتسِبون إلى جَدٍّ قريبٍ، والمقصود عائلة كبيرة،
«فبَيْنَما هم كذلك إذ بَعَث الله رِيحًا طَيِّبَةً، فتَأْخُذَهم تحتَ آباطِهِم، فتَقبِض رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مُسلِمٍ،» يموت المسلمون جميعا
«ويَبْقَى شِرَارُ الناسِ يَتَهَارَجُونَ فيها تَهَارُجَ الحُمُرِ»، الحمر أي الحمير ..
«فعَلَيْهِم تقومُ الساعةُ»، أي: لا على غيرِهم.
وفي روايةٍاخرى : وزاد بعد قولِه: «لقد كان بِهَذِه مَرَّةً ماءٌ»: «ثُمَّ يَسِيرُونَ حتَّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ»، والخَمَرُ: هو الشَّجرُ المُلْتَفُّ الذي يَستُر مَن فيه، وهو جَبَلُ بيتِ المَقْدِسِ، «فيقولون: لقد قَتَلْنَا مَن في الأرضِ، هَلُمَّ» أي تَعَالَ «فَلْنَقْتُلْ مَن في السماءِ، فيَرْمُونَ بِنُشَّابِهم» أي سِهَامِهم «إلى السماءِ» أي إلى جِهَتِها، «فيَرُدُّ الله عليهم نُشَّابَهم مَخْضُوبَةً دَمًا»، أي: مَصْبُوغَةً دَمًا.
وفي روايةِ ابنِ حُجْرٍ: «فإنِّي قد أَنْزَلْتُ عِبَادًا لي، لا يَدَيْ لأحدٍ بقِتالهم».
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
2940
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقالَ: ما هذا الحَديثُ الذي تُحَدِّثُ بهِ؟ تَقُولُ: إنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إلى كَذَا وَكَذَا، فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَوْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا، لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أُحَدِّثَ أَحَدًا شيئًا أَبَدًا، إنَّما قُلتُ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا، يُحَرَّقُ البَيْتُ، وَيَكونُ وَيَكونُ، ثُمَّ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، لا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأنَّهُ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، ليسَ بيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبْقَى علَى وَجْهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ، أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه، حتَّى تَقْبِضَهُ قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لهمُ الشَّيْطَانُ، فيَقولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فيَقولونَ: فَما تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمْ في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قالَ: وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ، أَوْ قالَ يُنْزِلُ اللَّهُ، مَطَرًا كَأنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ، نُعْمَانُ الشَّاكُّ، فَتَنْبُتُ منه أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إلى رَبِّكُمْ، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولونَ، قالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فيُقَالُ: مِن كَمْ؟ فيُقَالُ: مِن كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، قالَ فَذَاكَ يَومَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا، وَذلكَ يَومَ يُكْشَفُ عن سَاقٍ.
جاء رجلٌ إلى عبدِ الله بن عَمْرٍو فقال: «ما هذا الحديثُ الذي تحدِّث به؛ تقولُ: إنَّ الساعةَ تقومُ إلى كذا وكذا؟!»،
فقال عبدُ الله: «سبحانَ الله! أو لا إلهَ إلَّا اللهُ! أو كلمةً نحوَهما، لقد هَمَمْتُ»، أي: عَزَمتُ على «ألَّا أحدَّثَ أحدًا شيئًا أبدًا، إنَّما قلتُ: إنَّكم سَترَوْن بعد قليلٍ أمرًا عظيمًا،»
«يُحرَّقُ البيتُ»، أي: الكَعْبَة «ويكونُ ويكونُ،»
ثُمَّ قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:« يَخرُج الدَّجَّالُ» مأخوذٌ مِن الدَّجَلِ وهو الكَذِب،
«فيَمكُث أربعينَ» قال الراوي: «لا أدري أربعين يومًا أو شهرًا أو عامًا. فيَبعث الله عِيسَى بنَ مَرْيَمَ» أي فيَنزِل مِن السماء
«كأنَّه عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ» أي في صورةِ الثَّقَفِيُّ،
«فيَطلُبه» أي فيَطلُب عِيسَى الدَّجَّالَ
«فيُهلِكُه» يقتله بِحَرْبَةٍ،
«ثُمَّ يَمكُث الناسُ سَبْعَ سِنينَ ليس بينَ اثنينِ عَدَاوَةٌ»؛ وذلك لقوَّةِ الإيمانِ والأمانةِ والرَّخاءِ في الأموالِ،
«ثُمَّ يُرسِل الله رِيحًا باردةً من قِبَلِ الشَّأْمِ» أي من جانِبِ الشام
«فلا يَبقَى على وجهِ الأرضِ أحدٌ في قلبِه مِثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلَّا قَبَضَتْه»، أي: أخَذتْ رُوحَه تلك الرِّيحُ
«حتَّى لو أنَّ أحدَكم دَخَل في كَبِد جَبَلٍ»، أي: في وَسَطِه وجَوْفِه
«لَدخلَتْه عليه حتَّى تَقبِضَه» أي دخلت عليه تلك الرِّيح تَقبِضَ رُوحَه فيَمُوتَ.
«فيَبقَى شِرارَ الناسِ في خِفَّةِ الطيرِ»، أي: اضطرابِها ونُفورِها بأَدْنَى توهُّم
«وأحلامِ السِّباعِ»، أي: في عقولِ السِّباع الناقصةِ، فالغالبُ عليهم الطَّيْش والغَضَب والوَحشةُ والإتلافُ وقِلَّةِ الرَّحمةِ،
«لا يَعرِفون معروفًا ولا يُنكِرون مُنكَرًا»، بل يَعكِسون ذلك فيما يفعلون،
«فيَتمثَّل لهم الشيطانُ»، أي: يتصوَّر لهم بصورةِ إنسانٍ
«فيقول: ألَا تَستجِيبون؟ فيقولون: فما تأمُرنا؟» أيْ: فأيَّ شيءٍ تأمُرُنا لِنُطِيعَك فيه؟
«فيأمُرُهم بعبادةِ الأوثانِ،» يعبدون الاصنام
«وهم في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ،، أي: والحالُ أنَّهم فيما ذُكِر مِن الأوصافِ الرديئةِ والعباداتِ الوَثَنِيَّةِ كثيرٌ
«ثُمَّ يُنفَخ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعه أحدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا»، أي: أَمَال صَفْحَةَ عُنُقِه خوفًا ودَهْشَةً «ورَفَع لِيتًا»، والمراد منه: أنَّ السامعَ يُصعَقُ، فيُصغِي لِيتًا ويَرفع لِيتًا،
«وأوَّلُ مَن يَسمَعه رجلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِه،»، أي: يُطيِّنُ ويُصلِح
«فيَصعَقُ ويَصْعَقُ الناسُ»،
«ثُمَّ يُرسِل الله مَطَرًا كأنَّه الطَّلُّ»، أي: المَطَرُ الضَّعيفُ القَطْرِ،
«فتَنبُت منه» بسَببِه «أجسادُ الناسِ»، أي: النَّخِرَةُ في قُبورِهم،
«ثُمَّ يُنفَخ فيه أُخرَى فإذا هُم قِيامٌ يَنظُرون،» النفخة الثانية
«ثُمَّ يُقال: يا أيُّها الناسُ، هَلُمَّ»، أي: تَعالَوْا أو ارجِعوا وأَسرِعوا إلى ربِّكم
«وقِفُوهم إنَّهم مسؤولون» أي احبِسوهم
«ثُمَّ يُقال: أَخرِجوا»، أي: مَيِّزوا مِمَّا بينَ الخلائقِ «بَعْثَ النارِ»، أي: مبعوثَها، بمعنى: مَن يُبعَث إليها،
«فيُقال: مِن كَمْ؟»، أي: يَسألُ المخاطَبون عن العَدَدِ المبعوثِ إلى النارِ، فيقولون: كَمْ عددًا نُخرِجه مِن كَمْ عددٍ؟
«فيُقال: مِن كلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئةٍ وتِسعةً وتسعين»، أي: أخرِجوا للنارِ مِن كلِّ ألفٍ تِسْعَ مئةٍ وتسعةً وتسعين، وهذا مِن جميعِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بما فيهم يأجوجُ ومأجوجُ، فيكونُ مِن كلِّ ألفٍ واحدٌ يَدخُل الجَنَّةَ،
وقد جاءَ في رواياتٍ أُخرى للحديثِ أنَّ ذلِك كَبُرَ على الصَّحابةِ وعظُم عليهم، وقالوا: أيُّنا ذلك الواحد؟! فقال لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أَبشِروا؛ فإنَّكم في أُمَّتَينِ ما كانتَا في شيءٍ إلَّا كثَّرتاه؛ يأجوج ومأجوج؛ مِنكم واحدٌ، ومن يأجوج ومأجوج ألف، فاستبشر الصحابةُ بذلك. وقوله: (فذلك)، أي: فهذا الوقتُ يومَ يَجعَل أي: يُصيِّر فيه الولدانَ، أي: الصِّبيان "شِيبًا"، أي: يُبيِّضُ شَعرَهم مِن هَوْلِ المَوقِف، «وذلك أي: أيضًا «يومَ يُكْشَفُ عن ساقٍ»، أي: يَوْمَ يُكشَف عن حَقائقِ الأُمورِ وشدائدِ الأهوالِ.
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
2942
أنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ، وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، فَقالَ: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، لا تُسْنِدِيهِ إلى أَحَدٍ غيرِهِ، فَقالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لأَفْعَلَنَّ، فَقالَ لَهَا: أَجَلْ حَدِّثِينِي فَقالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ المُغِيرَةِ، وَهو مِن خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَومَئذٍ، فَأُصِيبَ في أَوَّلِ الجِهَادِ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ في نَفَرٍ مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَخَطَبَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَكُنْتُ قدْ حُدِّثْتُ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: أَمْرِي بيَدِكَ، فأنْكِحْنِي مَن شِئْتَ، فَقالَ: انْتَقِلِي إلى أُمِّ شَرِيكٍ وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ، مِنَ الأنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ في سَبيلِ اللهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ، فَقُلتُ: سَأَفْعَلُ، فَقالَ: لا تَفْعَلِي، إنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فإنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ، أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عن سَاقَيْكِ، فَيَرَى القَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ ما تَكْرَهِينَ وَلَكِنِ انْتَقِلِي إلى ابْنِ عَمِّكِ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهو رَجُلٌ مِن بَنِي فِهْرٍ، فِهْرِ قُرَيْشٍ وَهو مِنَ البَطْنِ الذي هي منه، فَانْتَقَلْتُ إلَيْهِ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إلى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّسَاءِ الَّتي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ، وَهو يَضْحَكُ، فَقالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إنْسَانٍ مُصَلَّاهُ، ثُمَّ قالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: إنِّي وَاللَّهِ ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لأنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحدَّثَني حَدِيثًا وَافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عن مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حدَّثَني أنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مع ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِن لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بهِمِ المَوْجُ شَهْرًا في البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤُوا إلى جَزِيرَةٍ في البَحْرِ حتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا في أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يَدْرُونَ ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ، مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقالوا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قالوا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ انْطَلِقُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ، فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، قالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا منها أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً، قالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فيه أَعْظَمُ إنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، ما بيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ ما أَنْتَ؟ قالَ: قدْ قَدَرْتُمْ علَى خَبَرِي، فأخْبِرُونِي ما أَنْتُمْ؟ قالوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إلى جَزِيرَتِكَ هذِه، فَجَلَسْنَا في أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يُدْرَى ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: اعْمِدُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ، فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، فأقْبَلْنَا إلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا منها، وَلَمْ نَأْمَن أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً، فَقالَ: أَخْبِرُونِي عن نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: أَسْأَلُكُمْ عن نَخْلِهَا، هلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، قالَ: أَما إنَّه يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قالوا: هي كَثِيرَةُ المَاءِ، قالَ: أَما إنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن عَيْنِ زُغَرَ، قالوا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ في العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، هي كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِن مَائِهَا، قالَ: أَخْبِرُونِي عن نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ ما فَعَلَ؟ قالوا: قدْ خَرَجَ مِن مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: كيفَ صَنَعَ بهِمْ؟ فأخْبَرْنَاهُ أنَّهُ قدْ ظَهَرَ علَى مَن يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قالَ لهمْ: قدْ كانَ ذلكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: أَما إنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لهمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وإنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إنِّي أَنَا المَسِيحُ، وإنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوجِ، فأخْرُجَ فأسِيرَ في الأرْضِ فلا أَدَعَ قَرْيَةً إلَّا هَبَطْتُهَا في أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غيرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُما مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّما أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا، منهما اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وإنَّ علَى كُلِّ نَقْبٍ منها مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قالَتْ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، يَعْنِي المَدِينَةَ، أَلَا هلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذلكَ؟ فَقالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فإنَّه أَعْجَبَنِي حَديثُ تَمِيمٍ، أنَّهُ وَافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عنْه، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إنَّه في بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا بَلْ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو مِن قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هو وَأَوْمَأَ بيَدِهِ إلى المَشْرِقِ، قالَتْ: فَحَفِظْتُ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ أنَّ عَامِرَ بنَ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيَّ سألَ فَاطِمَةَ بِنتَ قَيْسٍ أُختَ الضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ؛ أنْ تُحَدِّثَهُ حَديثًا سَمِعَتْهُ من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولا تُسْنِدَهُ إلى أحدٍ غيرِهِ؛
(فَقالتْ: نَكَحْتُ ابنَ المُغِيرَةِ) وهو أبو عَمْرِو بنُ حَفْصِ بنِ المُغِيرَةِ؛
(وهو منْ خِيارِ شَبابِ قُرَيْشٍ يَومئِذٍ؛ فأُصِيبَ في أوَّلِ الجِهادِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،) أي: أُصيبَ بِجُرْحٍ؛
(فَلمَّا تَأيَّمْتُ،) أي: أصبحَتْ لا زَوْجَ لها؛ وذلك لأنَّه طلَّقَها طَلاقًا بائِنًا؛
(خَطَبَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ) خَطبَها عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ،
(وَخَطَبَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ) وخَطَبَهَا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؛
( كُنْتُ قدْ حُدِّثْتُ) كانتْ تَعلمُ قولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
(أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ) من شدة حبه لاسامه
(فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: أَمْرِي بيَدِكَ، فأنْكِحْنِي مَن شِئْتَ،) فلمَّا كلَّمَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبرَتْهُ أنَّ أمرَها بِيَدِهِ؛ وله أنْ يُزوِّجَها مَنْ شاءَ
(فَقالَ: انْتَقِلِي إلى أُمِّ شَرِيكٍ) فَأمَرَها النبي أنْ تَنْتقِلَ إلى أُمِّ شَرِيكٍ حتى تنقضي عدتها
(وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ، مِنَ الأنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ في سَبيلِ اللهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ،) وكانت ام شريك امْرأةً غَنِيَّةً مِنَ الأنصارِ عَظيمةَ النَّفَقَةِ في سبيلِ الله؛ يَنْزِلُ عليها الضِّيفَانُ، أي: الضُّيوفُ منْ كُلِّ مكانٍ.
(فَقُلتُ: سَأَفْعَلُ،) فَقالتْ فَاطِمَةُ للنَّبيِّ: سأفْعَلُ
(فَقالَ: لا تَفْعَلِي،) قالها الرسول بعد تفكير
( إنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فإنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ، أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عن سَاقَيْكِ، فَيَرَى القَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ ما تَكْرَهِينَ) خوفا عليها من كثرة الضيوف
(وَلَكِنِ انْتَقِلِي إلى ابْنِ عَمِّكِ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهو رَجُلٌ مِن بَنِي فِهْرٍ، فِهْرِ قُرَيْشٍ وَهو مِنَ البَطْنِ الذي هي منه، فَانْتَقَلْتُ إلَيْهِ،) فانتقلت الى دارة
(فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً،) اذان الصلاة
(فَخَرَجْتُ إلى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّسَاءِ الَّتي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ) صلت في صف النساء خلف الرجال
(فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ، وَهو يَضْحَكُ،) فلمَّا أدَّى صَلاتَهُ وفَرَغَ عنها؛ جَلَسَ على المِنبرِ وهو يَضحكُ أي: تَبَسُّمًا
(فَقالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إنْسَانٍ مُصَلَّاهُ،) أي: مَوضِعَ صَلاتِهِ،
(ثُمَّ قالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟) لماذا طلبت منكم البقاء
(قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ،) أي لا يعلم الا الله والرسول
(قالَ: إنِّي وَاللَّهِ ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ،) إنِّي والله ما جَمعتُكمْ لِرَغْبَةٍ: منْ عَطاءٍ أو غَنِيمَةٍ؛ ولا رَهْبَةٍ: أي: خَوفٍ منْ عَدُوٍّ
(وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لأنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ،) جاء الى الرسول واعلن اسلامه
(وَحدَّثَني حَدِيثًا وَافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عن مَسِيحِ الدَّجَّالِ،) أي كلامه متوافق مع كلام الرسول الذي قاله سابقا لانصارة
(حدَّثَني أنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مع ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِن لَخْمٍ وَجُذَامَ،) مع ثَلاثينَ رجلًا منْ قَبيلةِ لَخْمٍ وقَبيلةِ جُذَامٍ
(فَلَعِبَ بهِمِ المَوْجُ شَهْرًا في البَحْرِ،) أي: دَارَ بهم المَوْجُ مِقْدارَ شَهرٍ في البَحْرِ،
(ثُمَّ أَرْفَؤُوا إلى جَزِيرَةٍ في البَحْرِ حتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ،) أي: قَرَّبُوا السَّفينةَ إلى جَزيرةٍ حينَ تَغْرُبُ الشَّمسُ؛
(فَجَلَسُوا في أَقْرُبِ السَّفِينَةِ) وتَحوَّلوا منَ المَرْكَبِ الكَبيرِ وجَلسُوا في أقْرُبِ السَّفينةِ، وأَقرُب جَمْعُ قَارِب، وهو سَفينةٌ صَغيرةٌ تكونُ مع الكَبيرةِ يَتَصَرَّفُ فيها رُكَّابُ السَّفينةِ لِقضاءِ حَوائِجِهمْ،
(فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ،) فَلَقِيَتْهُمْ، أي: فقَابلتْهُم دَابَّةٌ أهْلَبُ كَثيرُ الشَّعْرِ ومعنى أهلب أي غليظ الشعر
(لا يَدْرُونَ ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ، مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ) أي: لا يَعْرِفُ القومُ وَجْهَهُ منْ ظَهْرِهِ وذلك بسببِ كَثرةِ الشَّعْرِ،
(فَقالوا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟) سألوها من تكون
(فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ،) قِيلَ: سُمِّيَتْ بذلك لِتَجَسُّسِها الأخبارَ للدَّجَّالِ،
(قالوا: وَما الجَسَّاسَةُ؟) سؤال تعجبي
(قالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ انْطَلِقُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ،) الدَّيْرِ هو مكانُ عِبَادةِ النَّصارَى
(فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ،) أي: كَثيرُ الشَّوْقِ إلى ما عِندَكمْ منَ الخَبَرِ،
(قالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا منها أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً،) وهُنا قال تَمِيمٌ: لمَّا سَمَّتْ، أي: ذَكَرَتْ لنا رجلًا «فَرِقْنَا» منها، أي: خُفْنا منَ الدَّابَّةِ؛ أنْ تكونَ شَيْطانَةً،
(قالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ،) أسرعنا ودخلنا الدير المقصود
(فَإِذَا فيه أَعْظَمُ إنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا،) أي: جِسْمًا وحَجْمًا وهَيْئَةً
(وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا،) أشَدُّ قَيْدًا في السَّلاسِلِ والأغلالِ
(مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، ما بيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَدِيدِ،) مَجْمُوعَةٌ، أي: مَضْمُومةٌ ومُقَيَّدةٌ يَداهُ إلى عُنُقِهِ ما بين رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَديدِ
(قُلْنَا: وَيْلَكَ ما أَنْتَ؟) سألوه من يكون
(قالَ: قدْ قَدَرْتُمْ علَى خَبَرِي،) أي: تَمكَّنتُم، فإنِّي لا أُخْفيه عنكم وسَأُحدِّثُكُم عن حالي
(فأخْبِرُونِي ما أَنْتُمْ؟) أي اخبروني أولا عنكم
(قالوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إلى جَزِيرَتِكَ هذِه، فَجَلَسْنَا في أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يُدْرَى ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: اعْمِدُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ، فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، فأقْبَلْنَا إلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا منها، وَلَمْ نَأْمَن أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً،) فَحَكَوْا له ما كان منهم وما حَدَثَ معهم حتَّى أخبَرَتْهُم الجَسَّاسَةُ بأنْ يَدخُلُوا عليه
(فَقالَ: أَخْبِرُونِي عن نَخْلِ بَيْسَانَ،) وهي قَريةٌ بالشَّامِ قَريبةٌ منَ الأُرْدُنِّ
(قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟) عن أي شئ تسأل
(قالَ: أَسْأَلُكُمْ عن نَخْلِهَا، هلْ يُثْمِرُ؟) هل يطرح التمر
(قُلْنَا له: نَعَمْ، قالَ: أَما إنَّه يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ،) أي: تَقْرُبُ ألَّا تُثْمِرَ؛
(قالَ: أَخْبِرُونِي عن بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ،) بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، وهي بالأُرْدُنِّ
(قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قالوا: هي كَثِيرَةُ المَاءِ، قالَ: أَما إنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ،) أي: يَفْنَى
(قالَ: أَخْبِرُونِي عن عَيْنِ زُغَرَ،) وهي بَلْدَةٌ بالشَّامِ قَليلَةُ النَّباتِ
(قالوا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ في العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، هي كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِن مَائِهَا،) أي: أهلُ تِلك العينِ أو البَلْدَةِ بماءِ العَيْنِ؟ فأجابوهُ: نعمْ، هي كَثيرةُ الماءِ، وأهلُها يَزرَعونَ منْ مائِها.
(قالَ: أَخْبِرُونِي عن نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ ما فَعَلَ؟) أي نبي العرب .. أي: ما صَنعَ بعدَما بُعِثَ
(قالوا: قدْ خَرَجَ مِن مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ،) أي: هاجرَ من مكة إلى المَدينةِ
( قالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: كيفَ صَنَعَ بهِمْ؟ فأخْبَرْنَاهُ أنَّهُ قدْ ظَهَرَ علَى مَن يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ،) أي: نَصَرهُ الله على مَنْ يَلِيهِ منَ العربِ، وأطاعوهُ
(قالَ لهمْ: قدْ كانَ ذلكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ،) يسأل للتأكيد
(قالَ: أَما إنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لهمْ أَنْ يُطِيعُوهُ،) أفضل لهم أن يطيعوه
(وإنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي،) أي حان دوري أن اخبركم
(إنِّي أَنَا المَسِيحُ، وإنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوجِ، فأخْرُجَ) أي: الدَّجَّالُ، وإنِّي يُوشِكُ أنْ يُؤْذَنَ لي في الخُروجِ فأخْرُجَ
(فأسِيرَ في الأرْضِ فلا أَدَعَ قَرْيَةً إلَّا هَبَطْتُهَا في أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) سيجوب كل البلاد في اربعين يوم
(غيرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُما مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا،) أي: مَمْنوعٌ عليَّ دُخول مكة والمدينة؛
(كُلَّما أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا، منهما اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا،) مُصْلَتًا، أي: مَسْلُولًا؛
( يَصُدُّنِي عَنْهَا،) يَصُدُّني عنها، أي: يَمنعُني عن كُلِّ واحِدَةٍ منهما،
(وإنَّ علَى كُلِّ نَقْبٍ منها مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا،) وإنَّ على كُلِّ «نَقْبٍ» منها، أي: طَريقٍ أو بابٍ من كُلِّ واحِدَةٍ مَلائِكةً يَحرُسونَها، أي: يَحفَظونها عن الآفاتِ والبَلِيَّاتِ
( قالَتْ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، يَعْنِي المَدِينَةَ،) وتَحْكي فَاطِمَةُ بنتُ قَيْسٍ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ، أي: ضَرَبَ بعَصاهُ في المِنبرِ، أي عليه : هذه طَيْبَةُ هذه طَيْبَةُ، هذه طَيْبَةُ كَرَّرَها ثَلاثًا، يعني المَدينةَ، وإنَّها الَّتي سَيَحْرُسُها الله عزَّ وجلَّ منَ الدَّجَّالِ.
(أَلَا هلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذلكَ؟) ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَا، أي: تَنَبَّهُوا هلْ كُنتُ حَدَّثْتُكُمْ؟، أي: بِمِثْلِ هذا الحَديثِ،
(فَقالَ النَّاسُ: نَعَمْ،) وافقوه في الرأي
(فإنَّه أَعْجَبَنِي حَديثُ تَمِيمٍ، أنَّهُ وَافَقَ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عنْه، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ،) يعجبه حديث تميم لانه متوافق مع ما قال
(أَلَا إنَّه في بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا بَلْ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو مِن قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هو وَأَوْمَأَ بيَدِهِ إلى المَشْرِقِ،) ألَا إنَّه، أي: الدَّجَّالَ في بَحْرِ الشَّامِ أو بَحْرِ اليَمَنِ لا بَلْ منْ قِبَلِ المَشْرِقِ، أي: منْ جِهَةِ المَشْرِقِ ما هو. منْ قِبَلِ المَشْرِقِ ، ما هو منْ قِبَلِ المَشْرِقِ، ما هو، أي هو منْ جِهَةِ المَشْرِقِ،
(قالَتْ: فَحَفِظْتُ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ.) قَالتْ فَاطِمَةُ بنتُ قَيْسٍ: فحَفِظْتُ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
حديث حسن
.png)
صحيح أبي داود
4294
عمرانُ بيتِ المقدسِ خرابُ يثربَ .. وخرابُ يثربَ خروجُ المَلحمةِ .. وخروجُ الملحمةِ فتحُ قسطنْطينيَّةِ .. وفتحُ القسطنطينيةِ خروجُ الدجالِ . ثم ضربَ بيدِهِ على فخذِ الذي حدَّثَ أو منكبِهِ ثم قال : إن هذا لحقٌّ كما أنَّك هنا ، أو كما أنك قاعدٌ . يعني : معاذَ بنَ جبلٍ
(عُمْرانُ بيْتِ المقْدِسِ)، أي: أنْ يُعمَّرَ بيْتُ المقدِسِ؛ بكثْرَةِ النَّاسِ فيهِ، وانتِعاشِ التَّجارَةِ والمالِ،
(خَرابُ يثْرِبَ)، أي: المدينةَ دارَ الهِجْرةِ؛ والمعنى أنَّ عُمْرانَ بيْتِ المقدِسِ علامَةٌ ظاهِرَةٌ يُنتظَرُ بعْدها خرابُ المدينَةِ النَّبويَّةِ، وقيل: يتسبَّبُ في خرابِ المدينَةِ، أو أنَّ ذلك وقْتُ خَرابِ المدينَةِ،
(خُروجُ الملْحَمَةِ)، أي: إنَّ خُروجَ الملْحَمَةِ علامَةٌ ظاهِرةٌ يُنتَظرُ بَعدَها، وقيل: إنَّ وقْتَ خَرابِها أو بسبَبِ خرابِها يكونُ خُروجُ الملْحَمَةِ، وهي الحربُ العَظيمةُ بين المسلِمين بالشَّامِ والرَّومِ، وقيل: بين المسلِمين بالشَّامِ والتَّتارِ،
(فتْحُ القُسطنطينِيَّةِ)، وقيل: إنَّ فتحَ القُسطنطينِيَّةِ يكونُ وقْتَ خُروجِ الملْحمَةِ أو بسبَبِها، والقُسطنطينِيَّةُ مَدينةٌ جانِبٌ منها في آسيا، وجانِبٌ في أوربَّا، ويَفْصِلُ الجانبين البحْرُ؛
(خُروجُ الدَّجَّالِ)، وقيل: خُروجُ الدَّجَّالِ يكون وقتَ فتْحِها أو بسبَبِه، والدجَّالُ هو الأعْوَرُ الكذَّابُ مُدَّعي الألوهِيَّةِ،
(ثمَّ ضرَبَ بيَدِه)، أي: ضرَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بيَدِه،
(على فَخِذِ الَّذي حدَّثَه)، أي: مُعاذٌ "أو مَنْكِبِه"؛ شكٌّ من الرَّاوي، ثمَّ قال:
(إنَّ هذا)، أي: ما حدَّثتُ بهِ ممَّا سيَحدُثُ في المستقبَلِ،
(لحَقٌّ)، أي: كائنٌ لا مَحالَةَ،
ثمَّ أوْضَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِثالَ وقوعِهِ، فقال: (كما أنَّك هنا)، أو (كما أنَّك قاعِدٌ)، "يعني: معاذَ بنَ جبَلٍ"، أي: هذا الكلامُ حَقٌّ واقِعٌ كما أنَّك أَمامي.
وفي الحَديثِ: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، بإخْبارِه بأشياءَ ستقَعُ.
وفيهِ: تبْيينُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لبعْضِ عَلاماتِ السَّاعَةِ الَّتي ستَعْقُبُ بعْضُها بعْضًا.
الايات القرانية التي ذكرت العلامة
أحاديث أخرى مرتبطة بنفس الموضوع
حديث صحيح
.png)
صحيح مسلم
158
ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ.
(ثلاثٌ إذا خرجْنَ) ؛ أيْ: ثلاث آياتٍ عندما تظهرُ للناس،
(فلا ينفعُ نفسًا إيمانُهَا لم تكُنْ آمنَتْ من قَبلُ أو كسبَتْ في إيمانِهَا خيرًا)، فلن تنفعَ التوبةُ ولن ينفعَ في هذا الوقتِ أن يَستدرِكَ المقصِّرُ ما قصَّرَ فيه من أعمالٍ يُزَادُ بها الإيمانُ، فيحثُّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على العملِ الصالحِ وزيادةِ الإيمانِ قبل تلك الثَّلاث
(طلوع الشَّمسِ من مَغْربها)، وهي أن تَخرُجَ في صَبيحةِ يومٍ من المَغْرب بدلًا من المَشْرق.
(الدَّجَّال) وهو المسيحُ الأعورُ مُدَّعي الألوهِيَّة الذي يدورُ في الأرض أربعينَ يومًا ويُمنعُ من دخول بعض الأماكن التي حَفِظَها الله سبحانه وتعالى منه كَمَكَّةَ والمَدِينَةِ.
(دابَّة الأرض) التي تخرجُ فتُخْبِرُ وتوضِّحُ المؤمنَ من الكافرِ.
وقد جاء في صَحيح مُسلمٍ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا تقومُ الساعةُ حتى تطلُعَ الشمسُ من مَغْربها، فإذا طَلَعَتْ من مَغْربها آمَنَ الناسُ كلُّهم أجمعون، فيومئذٍ لا ينفعُ نفسًا إيمانُهَا لم تكُنْ آمنَتْ من قبلُ، أو كسبَتْ في إيمانها خيرًا"؛ فهذا الحديث يدلُّ على أنَّ التوبةَ لا تنقطِعُ إلَّا إذا طلعَتِ الشمسُ من مَغْربها، وأمَّا قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: "ثلاثٌ إذا خرجْنَ، لا ينفعُ نفسًا إيمانُهَا لم تكُنْ آمنَتْ من قَبلُ أو كسبَتْ في إيمانِهَا خيرًا: طلوع الشمسِ من مَغْربها، والدَّجَّال، ودابَّة الأرض"، فيدلُّ على أنَّ انقطاعَ التوبةِ يكونُ إذا خرجْنَ كُلُّهُنَّ، وذلك لا يكونُ إلَّا إذا طلعَتِ الشمسُ من مَغْربها، إلَّا أنَّ خروجَ الدَّجَّال، وكذلك الدَّابَّة، قريبٌ من طلوعِ الشمس من مَغْربها.
وفي الحديث: نُصْحُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للأُمَّة.
وفيه: هَوْل علاماتِ السَّاعة وعِظَمُها وعِظَمُ آثارِها على الناس، خصوصًا تلك الثَّلاثِ الآيات..
إسناده صحيح
.png)
مسند أحمد
16/192
لينزلنَّ الدجالُ خُوزَ وَكَرْمَانَ في سبعينَ ألفًا وجوههم كَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ
"الدَّجَّالُ"، أي: المسيحُ الدَّجَّالُ الَّذي يَدورُ الأرضَ في أربَعين يومًا، ويَتبَعُه أعدادٌ مِن يهودِ أصبَهانَ ثمَّ يَقتُلُه المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ، ويَقتُلُ المسلِمون اليهودَ مِن أتباعِه،
"ويَخرُجُ مِن أرضٍ بالمشرقِ، يُقالُ لها: خُراسانُ"، هي بلادٌ بِشَرقِ العِراقِ، "يَتبَعُه أقوامٌ"، قيل: المغولُ واليهودُ،
"كأنَّ وُجوهَهم المَجانُّ المُطْرَقةُ"، هي التُّروسُ المُغطَّاةُ بالجِلدِ، والمعنى: أنَّ وُجوهَهم عَريضةٌ، ووَجناتِهم مُرتفِعةٌ؛ فتِلك صِفَتُهم.
وفي الحديثِ: عِظَمُ فِتنةِ الدَّجَّالِ، وتأثيرُه في غيرِه، واتِّباعُهم له.
حديث صحيح
.png)
صحيح الترمذي
2237
الدَّجَّالُ يخرجُ من أرضٍ بالمَشرقِ ، يُقالُ لها : خُراسانَ يَتبعُه أقوامٌ كأنَّ وجوهَهُم المَجانُّ المطرَّقةُ
"الدَّجَّالُ"، أي: المسيحُ الدَّجَّالُ الَّذي يَدورُ الأرضَ في أربَعين يومًا، ويَتبَعُه أعدادٌ مِن يهودِ أصبَهانَ ثمَّ يَقتُلُه المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ، ويَقتُلُ المسلِمون اليهودَ مِن أتباعِه،
"ويَخرُجُ مِن أرضٍ بالمشرقِ، يُقالُ لها: خُراسانُ"، هي بلادٌ بِشَرقِ العِراقِ،
"يَتبَعُه أقوامٌ"، قيل: المغولُ واليهودُ، "كأنَّ وُجوهَهم المَجانُّ المُطْرَقةُ"، هي التُّروسُ المُغطَّاةُ بالجِلدِ، والمعنى: أنَّ وُجوهَهم عَريضةٌ، ووَجناتِهم مُرتفِعةٌ؛ فتِلك صِفَتُهم.
وفي الحديثِ: عِظَمُ فِتنةِ الدَّجَّالِ، وتأثيرُه في غيرِه، واتِّباعُهم له.